فصل: قال أبو البقاء العكبري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو البقاء العكبري:

سورة الحجر:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: {الر تلك آيات الكتاب} قد ذكر في أول الرعد.
قوله تعالى: {ربما} يقرأ بالتشديد والتخفيف وهما لغتان، وفى {رب} ثمان لغات: منها المذكورتان، والثالثة والرابعة كذلك، إلا أن الراء مفتوحة، والأربع الأخر مع تاء التأنيث ربت ففيها التشديد والتخفيف وضم الراء وفتحها.
وفى {ما} وجهان: أحدهما هي كافة لرب حتى يقع الفعل بعدها، وهى حرف جر.
والثاني هي نكرة موصوفة: أي رب شيء يوده الذين، ورب حرف جر لا يعمل فيه إلا ما بعده، والعامل هنا محذوف تقديره: رب كافر يود الإسلام يوم القيامة أنذرت أو نحو ذلك، وأصل رب أن يقع للتقليل، وهى هنا للتكثير والتحقيق، وقد جاءت على هذا المعنى في الشعر كثيرا، وأكثر ما يأتي بعدها الفعل الماضي، ولكن المستقبل هنا لكونه صدقا قطعا بمنزلة الماضي.
قوله تعالى: {إلا ولها كتاب} الجملة نعت لقرية، كقولك: ما لقيت رجلا إلا عالما، وقد ذكرنا حال الواو في مثل هذا في البقرة في قوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}.
قوله تعالى: {لو ما تأتينا} هي بمعنى لولا وهلا وألا، وكلها للتحضيض.
قوله تعالى: {ما ننزل الملائكة} فيها قراءات كثيرة كلها ظاهرة {إلا بالحق} في موضع الحال فيتعلق بمحذوف، ويجوز أن يتعلق بننزل وتكون بمعنى الاستعانة.
قوله تعالى: {نحن نزلنا} نحن هنا ليست فصلا، لأنها لم تقع بين اسمين بل هو، إما مبتدأ أو تأكيد لاسم إن.
قوله تعالى: {إلا كانوا به يستهزئون} الجملة حال من ضمير المفعول في يأتيهم، وهى حال مقدرة، ويجوز أن تكون صفة لرسول على اللفظ أو الموضع.
قوله تعالى: {كذلك} أي الأمر كذلك، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف أي سلوكا مثل استهزائهم، والهاء في {نسلكه} تعود على الاستهزاء، والهاء في {به} للرسول أو للقرآن، وقيل للاستهزاء أيضا، والمعنى: لا يؤمنون بسبب الاستهزاء فحذف المضاف، ويجوز أن يكون حالا: أي لا يؤمنون مستهزئين.
قوله تعالى: {فظلوا} الضمير للملائكة، وقيل للمشركين، فأما الضمير في {قالوا} فللمشركين ألبتة {سكرت} يقرأ بالتشديد والضم وهو منقول بالتضعيف يقال: سكر بصره وسكرته، ويقرأ بالتخفيف وفيه وجهان: أحدهما أنه متعد مخففا ومثقلا.
والثاني أنه مثل سعد، وقد ذكر في هود، ويقرأ بفتح السين وكسر الكاف أي سدت وغطيت كما يغطى السكر على العقل، وقيل هو مطاوع أسكرت الشيء فسكر: أي انسد.
قوله تعالى: {إلا من استرق السمع} في موضعه ثلاثة أوجه: نصب على الاستثناء المنقطع.
والثاني جر على البدل: أي إلا ممن استرق.
والثالث رفع على الابتداء، و{فأتبعه} الخبر، وجاز دخول الفاء فيه من أجل أن من بمعنى الذي أو شرط.
قوله تعالى: {والأرض} منصوب بفعل محذوف: أي ومددنا الأرض، وهو أحسن من الرفع لأنه معطوف على البروج، وقد عمل فيها الفعل {وأنبتنا فيها من كل شئ} أي وأنبتنا فيها ضروبا، وعند الأخفش من زائدة.
قوله تعالى: {ومن لستم} في موضعها وجهان: أحدهما ما نصب لجعلنا، والمراد بمن العبيد والإماء والبهائم فإنها مخلوقة لمنافعنا.
وقال الزجاج: هو منصوب بفعل محذوف تقديره: وأعشنا من لستم له، لأن المعنى: أعشناكم وأعشنا من لستم.
والثاني موضعه جر: أي لكم ولمن لستم، وهذا يجوز عند الكوفيين.
قوله تعالى: {إلا عندنا خزائنه} الجملة، موضع رفع على الخبر {ومن شيء} مبتدأ، ولا يجوز أن يكون صفة إذ لاخبر هنا، وخزائنه مرفوع بالظرف لأنه قوى بكونه خبرا، ويجوز أن يكون مبتدأ، والظرف خبره {بقدر} في موضع الحال.
قوله تعالى: {الرياح} الجمهور على الجمع، وهو ملائم لما بعده لفظا ومعنى، ويقرأ على لفظ الواحد وهو جنس.
وفى اللواقح ثلاثة أوجه: أحدها أصلها ملاقح، لأنه يقال: ألقح الريح السحاب، كما يقال: ألقح الفحل الأنثى: أي أحبلها، وحذفت الميم لظهور المعنى، ومثله الطوائح والأصل المطاوح، لأنه من أطاح الشيء.
والوجه الثاني أنه على النسب: أي ذوات لقاح كما يقال طالق وطامس.
والثالث أنه على حقيقته، يقال: لقحت الريح إذا حملت الماء، وألقحت الريح السحاب إذا حملتها الماء، كما تقول ألقح الفحل الأنثى فلقحت، وانتصابه على الحال المقدر {فأسقيناكموه} يقال سقاه وأسقاه لغتان، ومنهم من يفرق، فيقول: سقاه لشقته إذا أعطاه ما يشربه في الحال أو صبه في حلقه، وأسقاه إذا جعل له ما يشربه زمانا، ويقال أسقاه إذا دعا له بالسقيا.
قوله تعالى: {وإنا لنحن} نحن هنا لا تكون فصلا لوجهين: أحدهما أن بعدها فعلا.
والثاني أن اللام معها.
قوله تعالى: {من حمأ} في موضع جر صفة لصلصال، ويجوز أن يكون بدلا من صلصال بإعادة الجار.
قوله تعالى: {والجان} منصوب بفعل محذوف لتشاكل المعطوف عليه، ولو قرئ بالرفع جاز.
قوله تعالى: {فقعوا له} يجوز أن تتعلق اللام بقعوا، وب {ساجدين} و{أجمعون} توكيد ثان عند الجمهور، وزعم بعضهم أنها أفادت ما لم تفده كلهم.
وهو أنها دلت على أن الجميع سجدوا في حال واحدة.
وهذا بعيد لأنك تقول: جاء القوم كلهم أجمعون وإن سبق بعضهم بعضا، ولأنه لو كان كما زعم لكان حالا لاتوكيدا {إلا إبليس} قد ذكر في البقرة.
قوله تعالى: {إلى يوم الدين} يجوز أن يكون معمول اللعنة، وأن يكون حالا منها، والعامل الاستقرار في عليك.
قوله تعالى: {بما أغويتني} قد ذكر في الأعراف.
قوله تعالى: {إلا عبادك} استثناء من الجنس، وهل المستثنى أكثر من النصف أو أقل؟ فيه اختلاف، والصحيح أنه أقل.
قوله تعالى: {على مستقيم} قيل على بمعنى إلى، فيتعلق بمستقيم أو يكون وصفا لصراط، وقيل هو محمول على المعنى، والمعنى استقامته على، ويقرأ {علي} أي على القدر، والمراد بالصراط الدين.
قوله تعالى: {إلا من اتبعك} قيل هو استثناء من غير الجنس، لأن المراد بعبادي الموحدون، ومتبع الشيطان غير موحد، وقيل هو من الجنس لأن عبادي جميع المكلفين، وقيل إلا من اتبعك استثناء ليس من الجنس، لأن جميع العباد ليس للشيطان عليهم سلطان أي حجة، ومن اتبعه لايضلهم بالحجة بل بالتزيين.
قوله تعالى: {أجمعين} هو توكيد للضمير المجرور، وقيل هو حال من الضمير المجرور، والعامل فيه معنى الإضافة.
فأما الموعد إذا جعلته نفس المكان فلا يعمل، وإن قدرت هنا حذف مضاف صح أن يعمل الموعد، والتقدير: وإن جهنم مكان موعدهم.
قوله تعالى: {لها سبعة أبواب} يجوز أن يكون خبرا ثانيا، وأن يكون مستأنفا، ولايجوز أن يكون حالا من جهنم لأن أن لا تعمل في الحال {منهم} في موضع حال من الضمير الكائن في الظرف، وهو قوله تعالى: {لكل باب} ويجوز أن يكون حالا من {جزء} هو صفة له ثانية قدمت عليه، ولايجوز أن يكون حالا.
من الضمير في {مقسوم} لأن الصفة لاتعمل في الموصوف ولا فيما قبله، ولايكون صفة لباب لأن الباب ليس من الناس.
قوله تعالى: {وعيون ادخلوها} يقرأ على لفظ الأمر، ويجوز كسر التنوين وضمه، وقطع الهمزة على هذا لا يجوز، ويقرأ بضم الهمزة وكسر الخاء على أنه ماض، فعلى هذا لا يجوز كسر التنوين لأنه لم يلتق ساكنان، بل يجوز ضمه على إلقاء ضمة الهمزة عليه، ويجوز قطع الهمزة {بسلام} حال: أي سالمين أو مسلما عليهم، و{آمنين} حال أخرى بدل من الأولى.
قوله تعالى: {إخوانا} هو حال من الضمير في الظرف في قوله تعالى: {جنات} ويجوز أن يكون حالا من الفاعل في ادخلوها مقدرة أو من الضمير في آمنين، وقيل هو حال من الضمير المجرور بالأضافة، والعامل فيها معنى الإلصاق والملازمة {متقابلين} يجوز أن يكون صفة لإخوان، فتتعلق {علي} بها، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الجار فيتعلق الجار بمحذوف وهو صفة لإخوان، ويجوز أن يتعلق بنفس إخوان لأن معناه متصافين، فعلى هذا ينتصب متقابلين على الحال من الضمير في إخوان.
قوله تعالى: {لا يمسهم} يجوز أن يكون حالا من الضمير في متقابلين، وأن يكون مستأنفا، و{منها} يتعلق بمخرجين.
قوله تعالى: {أنا الغفور} يجوز أن يكون توكيدا للمنصوب ومبتدأ وفصلا،
فأما قوله {هو العذاب} فجوز فيها الفصل والابتداء، ولايجوز التوكيد لأن العذاب مظهر والمظهر لايؤكد بالمضمر.
قوله تعالى: {إذ دخلوا} في {إذ} وجهان أحدهما هو مفعول: أي اذكر إذ دخلوا.
والثاني أن يكون ظرفا.
وفى العامل وجهان: أحدهما نفس ضيف فإنه مصدر.
وفى توجيه ذلك وجهان: أحدهما أن يكون عاملا بنفسه وإن كان وصفا، لأن كونه وصفا لا يسلبه أحكام المصادر، ألا ترى أنه لا يجمع ولا يثنى ولا يؤنث كما لو لم يوصف به؟ ويقوى ذلك أن الوصف الذي قام المصدر مقامه يجوز أن يعمل والوجه الثاني أن يكون في الكلام حذف مضاف تقديره: نبئهم عن ذوى ضيف إبراهيم: أي أصحاب ضيافته، والمصدر على هذا مضاف إلى المفعول.
والوجه الثاني من وجهى الظرف أن يكون العامل محذوفا تقديره: عن خبر ضيف {فقالوا سلاما} قد ذكر في هود.
قوله {على أن مسنى} هو في موضع الحال: أي بشرتموني كبيرا {فبم تبشرون} يقرأ بفتح النون وهو الوجه، والنون علامة الرفع، ويقرأ بكسرها وبالإضافة محذوفة.
وفى النون وجهان: أحدهما هي نون الوقاية، ونون الرفع محذوفة لثقل المثلين، وكانت الأولى أحق بالحذف إذ لو بقيت لكسرت، ونون الإعراب لا تكسر لئلا تصير تابعة، وقد جاء ذلك في الشعر.
والثاني أن نون الوقاية محذوفة، والباقية نون الرفع لأن الفعل مرفوع، فأبقيت علامته، والقراءة بالتشديد أوجه.
قوله تعالى: {ومن يقنط} من مبتدأ، ويقنط خبره، واللفظ استفهام ومعناه النفى، فلذلك جاءت بعده إلا، وفى يقنط لغتان: كسر النون وماضيه بفتحها، وفتحها وماضيه بكسرها، وقد قرئ بهما، والكسر أجود لقوله: {من القانطين} ويجوز قانط وقنط.
قوله تعالى: {إلا آل لوط} هو استثناء من غير الجنس، لأنهم لم يكونوا مجرمين {إلا امرأته} فيه وجهان: أحدهما هو مستثنى من آل لوط والاستثناء إذا جاء بعد الاستثناء كان الاستثناء الثاني مضافا إلى المبتدأ، كقولك له عندي عشرة إلا أربعة إلا درهما، فإن الدرهم يستثنى من الأربعة فهو مضاف إلى العشرة، فكأنك قلت: أحد عشر إلا أربعة أو عشرة إلا ثلاثة.
والوجه الثاني أن يكون مستثنى من ضمير المفعول في منجوهم {قدرنا} يقرأ بالتخفيف والتشديد وهما لغتان {إنها} كسرت إن هاهنا من أجل اللام في خبرها، ولولا اللام لفتحت.
قوله تعالى: {ذلك الأمر} في الأمر وجهان: أحدهما هو بدل.
والثاني عطف بيان {أن دابر} هو بدل من ذلك، أو من الأمر إذا جعلته بيانا، وقيل تقديره: بأن فحذف حرف الجر {مقطوع} خبر أن دابر، و{مصبحين} حال من هؤلاء، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مقطوع، وتأويله أن دابر هنا في معنى مدبري هؤلاء، فأفرده وأفرد مقطوعا لأنه خبره، وجاء مصبحين على المعنى.
قوله تعالى: {عن العالمين} أي عن ضيافة العالمين.
قوله تعالى: {هؤلاء بناتى} يجوز أن يكون مبتدأ، وبناتي خبره، وفى الكلام حذف: أي فتزوجوهن، ويجوز أن يكون بناتى بدلا أو بيانا والخبر محذوف: أي أطهر لكم، كما جاء في الآية الأخرى، ويجوز أن يكون هؤلاء في موضع نصب بفعل محذوف: أي قال تزوجوا هؤلاء.
قوله تعالى: {أنهم لفي سكرتهم} الجمهور على كسر إن من أجل اللام.
وقرئ بفتحها على تقدير زيادة اللام، ومثله قراءة سعيد بن جبير رضى الله عنه {إلا أنهم ليأكلون الطعام} بالفتح، و{يعمهون} حال من الضمير في الجار أو من الضمير المجرور في سكرتهم، والعامل السكرة أو معنى الإضافة.
قوله تعالى: {كما أنزلنا} الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف تقديره: آتيناك سبعا من المثانى إيتاء كما أنزلنا أو إنزالا كما أنزلنا لأن آتيناك بمعنى أنزلنا عليك، وقيل التقدير: متعناهم تمتيعا كما أنزلنا، والمعنى: نعمنا بعضهم كما عذبنا بعضهم، وقيل التقدير: إنزالا مثل ما أنزلنا، فيكون وصفا لمصدر، وقيل هو وصف لمفعول تقديره: إنى أنذركم عذابا مثل العذاب المنزل على المقتسمين، والمراد بالمقتسمين قوم صالح الذين اقتسموا على تبييته وتبييت أهله، وقيل هم الذين قسموا القرآن إلى شعر وإلى سحر وكهانة، وقيل تقديره: لنسألنهم أجمعين مثل ما أنزلنا، وواحد {عضين} عضة، ولامها محذوفة والأصل عضوة، وقيل المحذوف هاء، وهو من عضه يعضه وهو من العضيهة وهى الإفك أو الداهية.
قوله تعالى: {بما تؤمر} ما مصدرية فلا محذوف إذا، ويجوز أن تكون بمعنى الذى، والعائد محذوف: أي بما تؤمر به، والأصل بما تؤمر بالصدع به ثم حذف للعلم به.
قوله تعالى: {الذين يجعلون} صفة للمستهزئين، أو منصوب بإضمار فعل، أو مرفوع على تقديرهم. اهـ.